الأقباط أم القومية العربية ؟؟؟؟
لم تكن ردات الفعل المصرية والعربية على الجريمة البشعة التي أودت بحياة عـدد من المصلين المصرين الأبرياء، بأقل خطورة وأذى من الجريمة نفسها. حيث من المستغرب ان تظهر الجريمة ويتم تسويقها وكأنها حصلت بحق دولة مستقلة إسمها كنيسة الأقباط وليست بحق مواطنين مصريين عرب يعتنقون الديانة المسيحية.
إن مسلسل ردات الفعل إياها ،بدءا من تظاهرات المصريين الأقباط أنفسهم كأنهم مستهدفون دون بقية المصريين، مرورا بالمظاهرات المصرية الخجولة التي أعلنت التضامن مع الأقباط وكأنهم شعب آخر، وصولا إلى ردة الفعل العربية في اعتبارها أن الجريمة تستهدف مسيحيي الشرق، إن هذا المسلسل من ردات الفعل السطحية وغير المسؤولة يساعد في تكريس الإنقسام الطائفي والمذهبي من جهة، وإلى استبعاد فكرة الأمن القومي العربي كهدف من جهة أخرى؟
لقد استغرق الشارع العربي بكافة تلاوينه وأطيافه وكذلك الحكومات العربية في الإنجرار إلى التقسيم الطائفي والمذهبي للشعوب العربية ذات اللغة الواحدة والإقليم الواحد والعدو الواحد، وذلك في تجاوب اعمى مع المؤامرة الصهيونية الواضحة المعالم والمراحل والأهداف في تفتيت الدول العربية وتمزيقها لتصبح دويلات متناحرة على أسس عنصرية ودينية. إن التمزق الآخذ في الإتساع بين الشعوب العربية في الدول المختلفة وبين شعب الدولة الواحدة من شأنه في نهاية المطاف أن يؤدي إلى تبرير وجود إسرائيل كدولة عنصرية يهودية بين عدة دويلات مشابهة لها. وهنا نعود بالذاكرة لما قالته غولدامئير رئيسة الوزراء الإسرائيلية لهنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة وهو أن أمن إسرائيل لا يتحقق بالإتفاقات الثنائية ولا من خلال حلف شمال الأطلسي ولا بالتسلح، إنما يتحقق بوجود إسرائيل بين دويلات طائفية ومذهبية متناحرة فيما بينها.
مما لا شك فيه إن الوجود المسيحي في المشرق العربي هو ثروة إنسانية ورافد حضاري وقيمة مضافة في هذا المشرق ، لكن المشكلة بل القضية الاهم ليست الوجود العددي للمسيحيين في هذه الدولة أو تلك من البلدان العربية، إنما هي في المحافظة على الهوية العربية لهؤلاء ،و بالأحرى أن يبقوا عربا مسيحيين لا أن يصبحوا مسيحيين فقط . إن تحول العرب المسيحيين من مواطنين عرب في دولهم إلى جاليات مسيحية في البلدان العربية يجعل من بقاءهم في الشرق أو عدمه سيان إزاء حركة التفاعل الحضاري والثقافي بينهم وبين المسلمين وكذلك إزاء مواجهة العنصرية الدينية اليهودية وتثبيت قومية المعركة في الصراع مع العدو الإسرائيلي وحلفائه .
ســامي الجــواد
06/01/2011